الأربعاء، 31 مارس 2010

بيان حركة حقى الاسكندرية للتضامن مع الطلبة المخطوفين

استكمالا لمسلسل الاعتداءات الامنية الغير مبررة قامت قوات الامن البلطجية بخطف الطالبين طارق خضر ومصطفي سالم كما قام بلطجية امن الدولة بالاعتداء بالضرب علي ثلاثة من طلاب الاخوان اثناء قيامهم بتعليق اعلانتهم عن حملتهم الجديدة وتسبب الضرب في كسر ايديهم هذا هو امن وحرس جامعات مصر الذي من المفترض وجوده من اجل حقظ الامن وحماية الطلبة .. يقوم بالتعدي وانتهاك حرمة الحرم الجامعي وتدنيسه بادخاله لبلطجية الامن داخل الجامعة ..
حركة حقي تعلن تضامنها الكامل مع الطالبين المخطوفين طارق خضر ومصطفي سالم واحتجاجها علي الممارسات الامنية ضد حرية وامن الطالب المصري...

حركة طلابية واحدة ضد السلطة اللي بتدبحنا

الأربعاء، 24 مارس 2010

المكسيك ثورة الزاباتيستا 1994


انتفاضة الفلاحين الفقراء في ريف المكسيك

في يناير 1994 تم توقيع اتفاقية النافتا للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك حاملة معها وعودًا زائفة بالرخاء في المكسيك. دفعت وحشية الأوضاع الفلاحين الفقراء في جنوب المكسيك إلى حمل السلاح كرجال عصابات بقيادة جيش الزاباتيستا للتحرير الوطني.
بعض الاسئلة التى ستحاول هذه المقالة الاجابة عنها...
1- ما هي أسباب هذه الانتفاضة؟
2- لماذا لجأ هؤلاء الفلاحين لحرب العصابات كطريق للتغيير؟
3- كيف انتهت الانتفاضة المسلحة نهاية إصلاحية؟
4- أين كانت الطبقة العاملة منها؟

سنحاول الاقتراب من جذور هذا الحدث للرد على أولئك الذين يروجون لوهم تحقيق التغيير بدون الطبقة العاملة، ويرون أن الفلاحين كطبقة بإمكانها أن تقود التغيير الاشتراكي الثوري من خلال حرب العصابات.
1- ما هي أسباب هذه الانتفاضة؟
كانت الانتفاضة نتيجة مباشرة للغليان الطبقي في المكسيك. فلقد كان للحكومة المكسيكية – بطبيعة الحال – دور بارز في تسهيل استغلال البرجوازية المكسيكية للفقراء. وبالرغم من هذا الاستغلال البشع الذي يعاني منه الفلاحين الفقراء من الهنود الحمر، غابت القوى السياسية.
عام 1982، كان الاقتصاد المكسيكي يواجه أزمة الديون الشهيرة؛ ولمواجهتها قامت الحكومة بالشروع في تطبيق سياسات السوق الحر من أجل إعطاء ثقة كبيرة للرأسمالية المكسيكية. هذا البرنامج الليبرالي المتشدد، الذي استكمله الرئيس سالينا عندما جاء للحكم، حمل في طياته رفع نسبة البطالة بمعدلات كبيرة.
كما أن البلايين الكثيرة التي جاءت من الخارج (سبعين بليون دولار) لتشجيع الاستثمار، ذهب معظمها لشراء أسهم في المؤسسات المباعة وخاصة البنوك والشركة القومية للتليفونات والشركات الأخرى الخاصة، ولم يذهب منها سوى عشرة بلايين فقط للاستثمارات المحلية. كانت لهذه السياسات أثارها السلبية على الجنوب الذي تتركز فيه الزراعة. وكانت المفارقة أنه في نفس الوقت الذي كانت فيه الحكومة الرأسمالية بالمكسيك تدعم بكل قوة اقتصاديات السوق الحر، أصبح النمو يعتمد أكثر فأكثر على صنع فجوة كبيرة بين كل من الشمال والجنوب المكسيكي.وبدأ يتشكل في الجنوب مشهدًا آخر لدولة أخرى تعتمد بالأساس على الاقتصاد الزراعي، وخاصة في ولاية شيباس حيث قامت الانتفاضة. يمكن أن نطلق على هذا الوضع ما وصفه تروتسكي بقانون التطور المركب واللا متكافئ.
2- لماذا لجأ هؤلاء الفلاحين لحرب العصابات كطريق للتغيير؟
وجد الزاباتيون أن موعد بدء تطبيق اتفاقية النافتا يمثل فرصة ذهبية لإعلان انتفاضتهم. فهدف الاتفاقية هو جذب المستثمرين الأمريكيين والمكسيكيين وغيرهم للاستثمار في المكسيك من أجل دفع عجلة التراكم الرأسمالي إلى الأمام. فاختار الزاباتيون تاريخ أول يناير 1994 لتأكدهم من أن ثورتهم – في مثل هذه الظروف – سوف تجتذب أكبر قدر من الانتباه. وكانوا يتوقعون عدم لجوء الحكومة لأسلوب القمع لوأد الحركة في ظل قرب موعد الانتخابات الرئاسية في أغسطس من نفس العام.حيث كان تدخل الحكومة بالقمع يعني تقليل فرص الحزب الحاكم للفوز في الانتخابات. شنت قوات الزاباتيستا هجومًا مسلحًا على قاعدة عسكرية بمنطقة رانشوفو. كما شنت هجومًا على أحد السجون وأطلقت سراح 178 سجينًا. ثم اختطفت الحاكم السابق للولاية وبعض أفراد عائلته. و قام المزارعون بتحطيم مبنى المجلس المحلي بالمطارق في مدينة التاميراند، كما أقاموا المتاريس في عدد من القرى. وكرد فعل أولى على الانتفاضة، قامت الحكومة بمحاولة افشالها بإعلانها أن طريقة تدريب المزارعين وإمداداتهم من الأسلحة تؤكد وجود علاقة بينهم وبين المتمردين اليساريين في جواتيمالا. ثم حاول الرئيس سالينا ثانيًا تفتيت تضامن الفلاحين الزاباتيين، فأعلن في بداية الانتفاضة أنه يبحث أمر العفو عن بعض المشاركين فيها وأن العفو سيشمل الذين تعرضوا للخداع أو أجبروا على الانضمام لما يسمى "بجيش الزاباتيستا للتحرير الوطني".
وبعد أسبوع واحد من بدء القتال، كان المزارعون قد نجحوا في اقتلاع برجين للكهرباء في وسط المكسيك، وفي إسقاط ثلاثة طائرات استطلاعية.وخلقت الانتفاضة قدر من التعاطف الشعبي في العاصمة. إذ نظم ثمانية آلاف من المؤيدين لجيش زاباتيستا في اليوم الثامن للانتفاضة مظاهرة في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة، وطالبوا الحكومة بالاعتراف بجيش زاباتيستا كخطوة أولى نحو المفاوضات.
وكأي حكومة برجوازية تعي جيدًا أن وظيفة الجيوش هي قمع الطبقات المستغلة في المقام الأول، أرسلت الحكومة قوات مكونة من سبعة عشر ألف جندي وبضع عشرات من طائرات الهليوكوبتر ونحو مائة سيارة مصفحة لتنتشر في الجنوب. كما صدرت الأوامر بالتعامل بوحشية شديدة بهدف إعادة النظام مرة أخرى. وتمكنت قوات الجيش من تحرير أربع مدن من الست التي كان قد احتلها الهنود الحمر. أدى ذلك بالهنود إلى إعلان الفوري عن أنهم في مرحلة إعادة تنظيم للقوات ولكنهم لم ينسحبوا. وبالرغم من تصعيد القمع فقد كان استمرار الانتفاضة يعني الكثير من الخسائر بالنسبة للحكومة والرئيس المكسيكي. فهذه الانتفاضة كانت تعني تهديدًا لمشاركة المكسيك في اتفاقية النافتا. وكان تطورها وتحولها إلى حرب عصابات طويلة الأمد أو حركة احتجاج مدني واسع. أمرًا يفيد المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم وذلك قبيل الانتخابات التي كان موعدها بعد سبعة أشهر فقط من قيام الانتفاضة المسلحة. دفع هذا كله الرئيس المكسيكي إلى التراجع وإعلان اعتذاره عن سوء الأحوال المعيشية.ومالبث الرئيس أن أقال وزير الداخلية جونزاليس جاريدو صاحب السجل الأسود خلال فترة حكمه للولاية والذي يوصف بالطاغية.وتم وقف العمليات العسكرية. ثم قامت الحكومة بإصدار بيان تعبر فيه عن استعدادها للتفاوض مؤكدة بذلك تنكرها لكل الاتهامات الموجهة لها.

3-كيف انتهت الانتفاضة المسلحة نهاية إصلاحية؟
بعد عامين من بدء حركة الزاباتيسيا كانت الحصيلة الحقيقية هي "إعلانات متكررة لحقوق السكان الأصليين من الهنود الحمر". وعلى الرغم من وجود مساحة كبيرة من التعاطف العام بين المكسيكيين مع الزاباتيسيا، إلا أن حركتهم كانت دائمًا تستبعد الأغلبية المقهورة من اهتماماتها. لم تقدم حركة الزاباتيسيا للطبقة العاملة المكسيكية سوى خطوط واسعة مشوشة من نقد سياسات الليبرالية الجديدة، هذا إضافة إلى إستراتيجية الجبهة الواسعة للقتال من أجل الديمقراطية مع المثقفين ورجال الأعمال المتوسطين والصغار والطلاب والفلاحين والنساء. بعد ثورة يناير 1994 طلب عدد كبير من العمال الانضمام إلى جيش الزاباتيستا للتحرير الوطني. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فإن الزاباتيستا لم يأخذوا في الحسبان المطالب الطبقية للعمال في المدن الحضرية جنبًا إلى جنب مع تلك المتعلقة بفلاحي سيباس. وعلى الرغم من الانتصار النسبي لرجال الزاباتيستا في الانتفاضة المسلحة، إلا أنهم ارتضوا أن يخوضوا مفاوضات سلام مع الحكومة. واتخذت المفاوضات طرق طويلة وشهدت شد وجذب. إذ أنها بدأت بعد ثلاثة أسابيع من الانتفاضة في يناير 1994، وانتهت في فبراير 1996.وخلال المفاوضات نجحت الحكومة ف استدراج الثوريين إلى طريق لا ينتهي؛ طريق شبيه بالمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
تقدم الهنود بحوالي اثنين وثلاثين طلبًا للجنة المفاوضات تشتمل أغلبيتها على تحسن مستوى معيشتهم، وتوفير فرص للتعليم والرعاية الصحية ومعالجة البطالة وتعديل شرط المعيشة للفلاحين في شيباس، وخاصة إعادة الأراضي الزراعية المسلوبة إلى مالكيها الأصليين من الفلاحين، بالإضافة إلى زيادة النفقات العامة والتوسع في الخدمات عن طريق بناء مستشفيات ومدارس ومساكن. كذلك تضمنت مطالبهم أبعاد إصلاحية أعم هي إجراء انتخابات رئاسية نظيفة وإعطاء فرصة حقيقية لأحزاب المعارضة للتعبير عن رأيها فضلاً عن وجود حركة إصلاح ديمقراطي للنظام السياسي القائم. ووصل الأمر إلى المطالبة بإقالة الرئيس سالينا من منصبه.
بالطبع اكتفت الحكومة بوعد الهنود بمناقشة المطالب الخاصة بحياة المواطنين في شيباس وزيادة النفقات العامة التي تصرف على الخدمات بالإقليم، كما وعدت بإقامة محكمة للدفاع عن الهنود الحمر.ولم تستجب لمطالبهم الأكثر راديكالية مثل إقالة الرئيس سالينا وإجراء تعديلات في نظام الانتخابات المباشر في شيباس،ولكنها اكتفت بتقديم وعد بتعديل نظام الانتخابات ومناقشته مع أحزاب المعارضة.
أدى هذا إلى اهتزاز موقف تلك الحركة الفلاحية المسلحة وفقدانها الكثير من المساندة الشعبية. ووجد هؤلاء أنفسهم فى ورطة.فإذا وافقوا على حلول الحكومة بشكل نهائي فقدوا قوتهم التفاوضية ودرجة المساندة الشعبية التي اكتسبوها، كما أنهم لا يستطيعون الانسحاب من المفاوضات بعد أن وافقوا عليها منذ البداية.
وقبل الانتخابات الرئاسية في أغسطس 1994 نظم الزاباتيستا مؤتمر قومي باسم المؤتمرالقومي الديمقراطي حيث ضم 6000 شخص من النشطاء.كان المؤتمر محاولة من الزاباتيستا للتأثير على صفوف اليسار قبل الانتخابات. ولكن جاء هذا المؤتمر ليكشف بوضوح عن الشكل الإصلاحي لحركة الزاباتيستا حيث تركزت كل مطالبهم على ضرورة تطبيق إصلاحات ديمقراطية دون أن تتطرق إلى تغييرات أكثر جذرية في النظام الاجتماعي والسياسي. وبينما هدد الزاباتيين قبيل الانتخابات بتفجير العنف إذا تم تزوير الانتخابات، فإن كل ما استطاعوا القيام به بعد إعلان النتيجة هو أنهم سوف "يقيمون نتائج الانتخابات".
وفي مايو 1995، تم التوصل لما سمي باتفاق الحد الأدنى، والذي يقضي بخفض التوتر العسكري في ولاية شيباس وانسحاب القوات الحكومية منها على أن يقوم المتمردين بحفظ القانون والنظام فيها (هذا الوضع الذي لا يبعد كثيرًا عن إعطاء بعض سلطات الحكم الذاتي للفلسطينيين).
نقطة الضعف الأساسية كانت في المنطق الذي كان يحكمهم منذ البداية وفي فهمهم لعملية الثورة. فهم كفلاحين فقراء كان همهم الأساسي ليس الثورة في المكسيك وإنما بالتحديد تحسين أوضاعهم في الجنوب لأنهم متأثرين بكونهم مجموعة من سكان البلاد الأصليين الذين يتم تجاهلهم وظلمهم.

4-أين كانت الطبقة العاملة منها؟
استطاعت الدولة على مدى سنوات أن تستوعب وتقضي على استقلالية الحركة العمالية المكسيكية. ولذلك لم تشهد المكسيك حركات عمالية ونقابات مستقلة نسبيًا إلا في مرحلة متأخرة. وفي سنوات الثمانينات والتسعينات اتبعت الحكومة سياسة وأد وعرقلة جميع الإضرابات في أماكن حدوثها وعدم تصعيدها. نجد أيضًا أن الحزب الحاكم الذي يقود البلاد منذ عام 1928 يسيطر تمامًا على منظمات الفلاحين والنقابات والجيش والصحافة والبوليس. ويدعم حزب العمل الديمقراطي (يمين الحزب الحاكم). وعلى الرغم من وجود 6 احزاب اشتراكية في المكسيك. لم تستطع هذه الأحزاب أن تقود الطبقة العاملة وأن تشكل البديل الثوري لانتفاضة الزاباتيستا. لم يقم اليسار كذلك بدور بارز لفضح الدور الذي تلعبه الحكومة المكسيكية في خدمة البرجوازية المكسيكية وآثار سياساتها على فقراء الجنوب. فالمعارضة اليسارية تنشط أثناء الانتخابات فقط، حتى أنها نجحت في انتخابات 1994 في تنظيم مظاهرة ضمت حوالي 50 ألف مكسيكي احتجاجًا على تزوير الانتخابات. يوضح ذلك كله، أنه بينما كانت الرأسمالية المكسيكية تزداد شراسة في قمع واستغلال الجنوب وكانت الحكومة تسيطر عن طريق النقابات على جزء كبير من الطبقة العاملة، لم يستطع اليسار المكسيكي أن يملأ الفراغ ويشكل بديل ثوري حقيقي أمام انتفاضة الزاباتيستا.

الأحد، 21 مارس 2010

امريكا اللاتينية والثورة الغير مكتملة

انتقلت أمريكا اللاتينية بشكل كبير وسريع من التخطيط المركزى إلى آليات السوق خلال التسعينات. وقد قامت بعض الدول مثل الأرجنتين وبيرو والسلفادور برفع مستوى الحرية الاقتصادية لديها بشكل ملحوظ، خاصة من خلال تحرير التجارة والخصخصة والاستقرار النقدي ونظام الاستثمار الحر.

إلا أنه خلال نفس الفترة، شهدت المنطقة أزمة البيزو المكسيكية وانهيار الاقتصاديات الإكوادورية والفنزويلية وانتفاضة حرب عصابات الزاباتيستا وكذلك انهيار الريال في البرازيل.

سنستعرض فى الصفحات التالية بعض من النماذج لبلدان امريكا الاتينية وبعض الثورات الغير مكتملة .فقد اوضحت لنا السنوات الاخيرة المعنى المبهر للنضال الجماهيرى وقدراته على اسقاط اعتى العروش واقوى الانظمة .

وبالرغم من أنه لا يمكن القول أن انتفاضات أمريكا اللاتينية انجزت مهامها وتطورت إلى ثورات شاملة قادرة على وضع نهاية لنظام الاستغلال الرأسمالي، إلا أن أهميتها القصوى أنها تطرح طريقة أخرى في التفكير، هي أن الفقراء، وهم الأغلبية التي تعيش في بؤس بسبب استغلال الأقلية الغنية لها، قادرون على تغيير الأوضاع الظالمة لو تحركوا موحدين في نضال جماعي ضد الظلم.

وسنحاول معا القاء الضوء علي اهم الاحداث التي حدثت في بعض بلدان امريكا اللاتينية .


شيلي 1973:

إن شيلي التي كانت على مدى سنوات ثلاث محط أنظار وآمال الكثيرين ممن أمنوا بإمكانية بناء الاشتراكية من خلال الديمقراطية البرلمانية تحولت بين عشية وضحاها إلى كابوس مزعج ومشهد رعب مخيف. فماذا حدث؟

فى السنوات من (1964-1970) واجهت الحكومة فى شيلى بقيادة ادوارد فراى تصاعدًا كبيرًا في حدة الصراع العمالي.

. ففي بداية 1968، دعا اتحاد النقابات العمالية إلى الإضراب العام اعتراضًا على خطط فراي المتعلقة بحظر الإضرابات؛ وقد أدى نجاح الإضراب العام إلى إشعال نضالية الطبقة العاملة حيث وقع 1939 إضرابًا في 1968 شارك فيها 230725 عاملاً، ثم ارتفع العدد إلى 5259 إضرابًا في 1969 شارك فيها 316280 عاملاً. جاء هذا الصعود في الصراع الطبقي في مواجهة ارتفاع في الأسعار بلغ حوالي 50 % خلال عامي 1968 – 1969، فضلاً عن زيادة معدلات البطالة وازدياد الطابع القمعي للحكم.

كما بدأ فقراء المدن من العاطلين وأصحاب المهن الهاشمية في تنظيم أنفسهم والنضال من أجل حقوقهم في السكن والخدمات الأساسية.

في ظل هذا المد في الصراع الطبقي، جرت الانتخابات الرئاسية في 1970 وأسفرت عن فوز سلفادور الليندي. هو ممثل ائتلاف لستة أحزاب يسارية يدعى "الوحدة الشعبية". كان أهم حزبين في ائتلاف الوحدة الشعبية هما الحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي الشيلي. كان للحزبين جذور عميقة داخل صفوف الطبقة العاملة استطاعا تحقيقها عبر سنوات طويلة من النضال العمالي إلا أنهما في الوقت نفسه كانا حزبين إصلاحيين يستهدفها الوصول للسلطة من خلال صناديق الانتخابات وإقامة التحالفات الانتخابية.

لم يكن برنامج الوحدة الشعبية لسلفادور ثوريًا، بل كان يتكون من سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المحدودة. نص البرنامج على تأميم المصالح الصناعية والمالية الأساسية فى حين تركه غالبية المشروعات في أيدي القطاع الخاص. اعتزمت الوحدة الشعبية تأميم 150 شركة فقط من بين 3500 شركة صناعية في شيلي، ثم تم تخفيض هذا الرقم نفسه في وقت لاحق. أما في مجال الزراعة، فقد اعتزم الليندي استكمال برنامج 1967 للإصلاح الزراعي الذي كانت الحكومة السابقة قد تخلت عنه، وهو برنامج "معتدل" جدًا يجعل الحد الأقصى للملكية 500 فدان.

. ولكي يحصل الليندي على قبول وتأييد البرجوازية له، قام بعقد اتفاق سري مع الأحزاب اليمينية قبل تقلده مهام الرئاسة، ووقع بموجب هذا الاتفاق على ما يسمى "قانون الضمانات" وهي وثيقة تنص على أن حكومة الليندي ستحترم بنية الدولة ولن تمس الأدوات التي طورتها البرجوازية للدفاع عن مصالحها الطبقية – نظام التعليم، الكنيسة، وسائل الإعلام، والقوات المسلحة.

على الرغم من الطابع المعدل لإصلاحات الليندي، إلا أن البرجوازية رأت فيها تهديدًا سياسيًا خطيرًا – ليس بسبب مضمون الإصلاحات وإنما بسبب السياق الذي جرت فيه. فقد كان انتصار الليندي الانتخابي ثمرة لزيادة الثقة السياسية لدى الطبقة العاملة، كما أن هذا الانتصار بدوره أدى إلى زيادة أكبر في هذه الثقة. ففي السنة التالية لتولي الليندي السلطة في ديسمبر 1970) شهدت 1758 إضرابًا و1278 واقعة احتلال أراضي. ومن هنا بدأت البرجوازية تشعر بالخطر وشنت هجوم مضاد منظم ضد العمال والحكومة معا. تمثل هذا الهجوم في تصدير الرأسماليين الشيليين أقصى ما يستطيعون من رؤوس أموالهم وامتناعهم عن إعادة استثمارها في الداخل، فضلاً عن تعمد تخزين السلع مما خلق اختناقات اقتصادية شديدة.

ومع ذلك، فقد حافظ الليندي على مصداقيته لدى العمال خلال السنة الأولى لحكمه وذلك بسبب التحسن العام في الأحوال الاقتصادية.

تصاعد الاحداث والانقلاب العسكرى وغياب الحزب الثورى:

مع بداية السنة الثانية لحكومة الليندي، ظهرت تناقضات حكومته الشعبية على سطح الأحداث. وظهر في أوساط الحكم شقاق بين "اليمين" الداعي لوقف عملية الإصلاح وطمأنة البرجوازية، و"اليسار" الداعي لاستكمال برنامج الوحدة الشعبية وخاصة فيما يتعلق بالتأميم وتوسيع القطاع العام.

1- في مايو 1972 عُقد مؤتمر لعمال النسيج على المستوى القومي دعوا فيه للسيطرة العمالية على الصناعة وخضوع جميع المسئولين للمحاسبة من القواعد.

2- في يونيو 1972، ألقت السلطات القبض على 22 عضوًا قياديًا في منظمة العمال الزراعيين ببلدة ميليبيلا، في أعقاب مظاهرة فلاحية تطالب بإعادة توزيع الأراضي وفقًا لقانون الإصلاح الزراعي.

3- على أثر ذلك، اندلعت موجة من المظاهرات والإضرابات العمالية في منطقة سيريليوس الصناعية المجاورة تضامنًا مع نضال العمال الزراعيين. وقد أثمرت هذه الإضرابات شكلاً تنظيميًا جديدًا أبدعه عمال سيريليوس وهو "الحزام الصناعي" أو الكوردون* نشر الكوردون إعلانًا في يوليو يطالب بالسيطرة العمالية على الإنتاج واستبدال البرلمان بمجلس عمالي يحكم البلاد.

4- وفي أغسطس وسبتمبر 1973 وقعت صدامات عنيفة بين الجماهير والنظام في حي لوهير ميدو وهو أحد الأحياء الفقيرة في سانتياجو، ثم في إقليم بيوبيو عندما حاول المتظاهرون الدفاع عن محطة راديو حكومية ضد اعتداء يميني، فرد عليهم الليندي بإعلانه حالة الطوارئ في الإقليم.

5- بحلول شهر أكتوبر كانت فجوة كبيرة قد تنامت بين الحكومة من ناحية وبين العمال والفقراء الذين أتوا بها إلى السلطة من ناحية أخرى. وهنا قررت المعارضة اليمينية أن الوقت قد صار مناسبًا لإسقاط الليندي

6- في ذلك الشهر، قام أصحاب اللوريات بإضراب استهدف شل المواصلات في البلاد حظا بتأييد البرجوازية بصفة عامة حيث أعرب أصحاب المحلات عن تأييدهم له بغلق محلاتهم كما حاول أصحاب المصانع وقف الماكينات

7- أثناء هذا الصراع الذي امتد على مدى العشرين يومًا الأخيرة من أكتوبر، احتل العمال نسبة كبيرة من المصانع وغيرها من أماكن العمل كما انتشرت الكوردونات فى البلاد

8- قرر الليندي ضم العديد من الجنرالات لوزارته وأعلن حالة الطوارئ معطيًا بذلك السلطة الفعلية للجيش. وتحت ستار وقف البرجوازية عند حدها، كانت المهمة الحقيقية للجيش هي سحب المبادرة من أيدي الطبقة العاملة وإعادة المصانع المحتلة إلى أصحابها.

9- شهدت الشهور الستة الأولى من عام 1973 تصاعدًا كبيرًا في حدة الصراع، وصار الليندي يلعب أكثر فأكثر دور المتفرج على معركة البرجوازية والطبقة العاملة. وفي يونيو من ذلك العام تكررت أحداث أكتوبر 1972 بشكل أكثر كثافة. فقد وقع انقلاب عسكري يميني تصدى له العمال باحتلال المصانع وتشكيل اللجان التي تدافع عنها وتوسيع نطاق الكوردونات.وكان رد الليندى هو نفس رده فى اكتوبر 72.

الانقلاب العسكرى وغياب الحزب الثورى:

خلال يوليو وأغسطس 1973، كانت المجالس المستقلة التي أبدعها عمال شيلي، قد وصلت إلى درجة عالية من الخبرة والنضج. إلا أن غياب الحزب الثوري المغروس داخل صفوف الطبقة العاملة حال دون تمكن الكوردونات من تطوير إستراتيجية ثورية بديلة للإصلاحية المسيطرة على القيادات التقليدية للطبقة العاملة الشيلية – ائتلاف الوحدة الشعبية واتحاد النقابات الموالى له. وفي ظل إفلاس القيادة الإصلاحية وغياب البديل الثوري، كانت الأرض ممهدة للانقلاب الدموي الذي أطاح بحكومة الليندي والذي قاده الجنرال بينوشيه، أحد أعضاء حكومة الجنرالات التي شكلها الليندي في أغسطس. أدى انقلاب سبتمبر 1973 إلى حمام دم في شيلي لقد قتل 30 ألف شخص أغلبهم من المناضلين الاشتراكيين والنقابيين خلال الأثنى عشر شهرًا التالية للانقلاب، كما تعرض الآلاف للاغتصاب والتعذيب والموت جوعًا.