الأحد، 24 يناير 2010

بيان لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة رقم 12 يناير 2010

وزير الصحة ورئيس هيئة التأمين الصحى يصران على خصخصة الصحة رغم رفض القضاء والمجتمع المدنى
بيان لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة رقم 12 يناير 2010
إدعى وزير الصحة فى تصريحاته ببرنامج صباح دريم منتصف الأسبوع الماضى بأن الجميع موافقون على مشروع قانون التأمين الصحى الجديد. وعندما سألته المذيعة حول أن هناك وثيقة ترفض مشروع القانون وموقع عليها من أكثر من 60 منظمة من منظمات المجتمع المدنى (المقصودة هى "الإعلان الثالث عن حق المصريين فى الصحة" الذى وقعت عليه ثلاثة وستون منظمة) قال لها أنها كلها منظمات ورقية وأن حزب الوفد وحزب التجمع واتحاد العمال موافقون على مشروع القانون.
والوزير حينما ينكر واقع الانقسام المحتمعى الواسع القائم حول موضوع خصخصة الصحة من خلال مشروع قانون التأمين الصحى الجديد وقرار رئيس الوزراء بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية (الذى أوقف حكم القضاء تنفيذه) فإنه لا يعبر سوى عن احتقاره للديمقراطية والتعددية، بل ويجافى الحقيقة بادعائه أن حزبى الوفد والتجمع موافقان على مشروع قانون التأمين الصحى عكس الحقيقة حيث إن كليهما موقعان على الإعلان المشار إليه!
ولا يعكس هذا الموقف الاستبدادى سوى إصرار الحكومة على تمرير مشروع القانون والاستهانة بمعارضة المجتمع المدنى بما فيه 11 حزبا معارضا شملت بالإضافة إلى الوفد والتجمع احزاب الأحرار والغد والعمل واالجبهة الديمقراطية والناصرى والكرامة وغيرهما، كما يستهين بمختلف القوى والحركات الشعبية التى تضم اتحاد أصحاب المعاشات وحركات أطباء بلا حقوق ومعلمون بلا نقابة ونقابة العاملين بالضرائب العقارية ومختلف المنظمات العمالية ومنظمات حقوق الإنسان وصحة ومرأة وبيئة وغيرها.
وفى نفس السياق يعقد رئيس هيئة التأمين الصحى مؤتمرا صحفيا أفردت له صحيفة الأهرام المانشيت الرئيسى لها بالصفحة الأولى (13 يناير الجارى) يعلن فيه إصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون التأمين الصحى الجديد رغم معارضة مجلس الدولة له زاعما أن سلطة مجلس الدولة استشارية! ورغم أن الحكومة ليست ملزمة بأن تعرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة قبل إصدارها إلا أن المنطق فى عرضها هو تفادى الطعن عليها بعد إقرارها من قبل مواطنين إذا كانت تتعارض مع الدستور. وما دامت الحكومة قد عرضت المشروع فعلا على مجلس الدولة فإن تذكر أن رأى المجلس مجرد رأى استشارى بعد رفضه للمشروع (من خلال 12 بندا يوضحون تعارضه مع الدستور) يعد استهانة بآراء مجلس الدولة وهو جهة الاختصاص القضائى فى الفصل فى مدى دستورية القانون فى حال طعن أحد المواطنين عليه بعد إقراره. ويبدو أن الحكومة لا تغفر لقضاء مصر العادل انحيازه لمصلحة شعبنا ضد المطالبين بخصخصة الصحة فى بالدنا من خلال رفض المشروع، ومن قبله إصدار حكمين بوقف تنفيذ قرار الشركة القابضة ورفض استشكال الحكومة فى التنفيذ.
وتغطى الحكومة مشروعها بالسرية حيث تمتدح القانون دون طرح نصه على أصحاب المصلحة الحقيقية رغم إصرارها الواضح على تمريره خلال الدورة البرلمانية الحالية مما يعنى عدم ترك أى فرصة للحوار المجتمعى حول نصوصه، وحيث تواجه المنتقدين دائما بأن النص النهائى لم تتم بلورته بعد!! وبعد نشر المشروع مؤخرا من جرائد المعارضة (الأهالى عدد 20 يناير الحالى) اتضح بالطبع سبب السرية وهو ما يحويه من اعتداء سافر على حق المواطنين فى الصحة!
فالمشروع ينص صراحة على أنه لا يعالج كل الأمراض مثل المشروع القديم بل أمراض يترك تحديدها للائحة التنفيذية، والنص المراوغ حول ألا تقل الأمراض عن الخدمات التى تقدم حاليا فى التأمين الصحى فإنها تقسم رغم ذلك إلى مجموعتين: واحدة تقدم لكل الناس، ومجموعة أخرى مسماه بالأمراض الكارثية تقدم لبعض المواطنين فقط وفى حدود نسبة معينة فقط من ميزانيته مما يدمر مبدأ المساواه بين المواطنين كما ذكرت اعتراضات مجلس الدولة.
والمشروع الجديد يحاول تمرير الشركة القابضة المرفوضة تحت مسمى إنشاء هيئة اقتصادية لتقديم الخدمة بدلا من الهيئة الخدمية غير الهادفة للربح القائمة حاليا. وقد ذكر هذا أيضا فى اعتراضات مجلس الدولة على مشروع القانون حيث قال أن إنشاء هيئة اقتصادية يتناقض مع نسيج قانون تأمين صحى اجتماعى!
والمشروع لا يقصر التزامات المواطنين على الاشتراك أساسا مثل القانون الحالى ومثل كل تأمين صحى اجتماعى بل يضيف إليها مساهمات (نسبة من سعر العلاج تساوى الثلث فى العيادة الخارجية و5% فى القسم الداخلى) ورسوم ثابتة (مثل الكشف الذى يتراوح بين 5-10 جنيهات). ورغم أن المشروع قد وضح حدا أقصى لنسب مساهمات المواطنين فى الخدمات (40 جنيها للأدوية وخمسين جنيها فى التحاليل فى المرة) فإن رسوم ومساهمات المواطنين التى قد تصل إلى 100 جنية فى العيادة الخارجية فى المرة الواحدة لا يستطيع تحملها المريض! ووزير المالية نفسه قد صرح بأن ثلثى أصحاب المعاشات تقل معاشاتهم عن 300 جنية شهريا! والمريض الواحد إذا كان يعالج من ضغط وسكر فإنه يصرف علاجه الشهرى من عيادتين مختلفتين شهريا كل منهما قد تكلفة مائة جنيه!
والمذهل أن تلك المبالغ أيضا تزيد سنويا بنسبة التضخم المعلنة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء! فالأصل أن المواطنين فى العالم كله يطالبون بزيادة الأجور بنسبة زيادة الأسعار للحفاظ على مستوى حياتهم. أما أن ترفض الحكومة زيادة مرتباتهم بنسبة التضخم بينما تزيد التزاماتهم بنفس النسبة فهو انفراد تاريخى لحكومة لا تملك أدنى تمييز حتى لمراعاة الشكل فى حقوق شعبها!
ولهذا فإننا نحن التحالف العريض من الأحزاب والحركات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدنى الموقعة على الإعلانات الثلاثة للدفاع عن حق المصريين فى الصحة نتعهد بمقاومة السلوك الحكومى الاستبدادى والمعادى لحق شعبنا فى الصحة والعلاج فالحق فى الصحة –كما قال حكم محكمة القضاء الإدارى فى قضية الشركة القابضة- يساوى الحق فى الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق